السبت، 30 يناير 2010

مختصون الضرب التأديبي عملية منظمة تعلم الطفل العنف


مختصون الضرب التأديبي عملية منظمة تعلم الطفل العنف

قانون العقوبات يجيزه وفقا للعرف السائد ! كتبت - سهير بشناق - ... لم يعلم أبو عمر انه سيكون السبب في إصابة طفله عمر البالغ من العمر سبعة أعوام بإعاقة السمع نتيجة صفعه على أذنه صفعة قوية بسبب شكوى المعلم المستمرة من عمر ومشاغبته بالصف هذه الحادثة كما وصفها أبو عمر - موظف في إحدى المحلات التجارية - إنها أصابت طفله بعجز في حاسة السمع ويحتاج إلى علاج طويل قد ينجح في إعادة السمع له بسبب تأثر طبلة الإذن بهذه الضربة ، ويشير أبو عمر الذي لا يعلم كيف يمكنه أن يتخلص من هذا الذنب طوال حياته فهو لم يكن بنيته الإساءة لطفله إنما تأديبه فقط ومنعه من تكرار المشاغبة داخل الصف مبينا انه حاول مرارا أن ينصح طفله بعدم القيام بأي تصرف خاطئ بالصف إلا انه لم يستمع إليه ما أدى قيام الأب بضرب طفله بعد أن فقد أعصابه من أفعاله المتكررة قضية تأديب الأطفال و الحد الفاصل بين التأديب و العنف أو إلحاق الضرر بالأطفال من القضايا الاجتماعية التي قد لا تتوقف عندها الأسر كثيرا فنجد أن هناك حالات لأطفال أصيبوا بكسور أو تعريض الطفل للعقاب بالحرق نتيجة تكرار سلوك التبول اللاارادي بهدف تعليمه التوقف عن هذا السلوك . الدكتور هاني جهشان أخصائي الطب الشرعي وعضو هيئة تحرير دراسة الأمين العام للأمم المتحدة حول العنف ضد الأطفال اشار إلى أن الدراسات أظهرت أن أغلبية الناس يعتقدون أن الضرب التأديبي ليس فقط جيدا بل هو أساسي لتنشئة الأطفال، حيث أن 90% من الآباء يَضربون الأطفال لغاية 5سنوات بمعدل 3مرات أسبوعيا وأن 52% من الأطفال الذين أعمارهم 13 و14 سنة يُضربونهم عادة، وأن 20% من الطلبة في المرحلة الثانوية يضربون عادة من قبل آبائهم. كما وأن 60% من الآباء يضربون أولادهم بالصفع على الوجه أو على اليدين أو المؤخرة وأن 20% يقومون بدفع الطفل أو بحمله من أحد أطرافه بعنف، وأن 15% يستخدمون العصا أو أية أداة منزلية لتأديب الطفل وأن 10% منهم يقومون عادة بقذف جسم ما، صادف أن يكون بيدهم على الطفل. وأوضح جهشان انه من غير المستطاع تحديد حد فاصل بين تأديب الطفل بالضرب وبين الإساءة الجسدية إليه، وهذا قائم على عدم عدالة هذا السلوك وخلوه من أي منطق عقلاني، مشيرا إلى أن العقاب الجسدي للطفل غير فعال وهناك عواقب ومضاعفات حقيقية للضرب التأديبي: والبحث بها يبين أن العقاب الجسدي للطفل بكافة أشكاله وبأي مدى لشدته، وبغض النظر عن أي محاولة لتبريره أو تلميعه، هو طريقة غير فعالة لتعديل السلوك من الناحية النفسية، حيث أن ضرب الطفل قد يجعله يتجنب السلوك السيئ مؤقتا، إلا أن التزام الطفل بهذا السلوك هو لفترة وجيزة، وسيولد لديه خوف من أن يشاهد وهو يرتكب الخطأ، فيلجأ للقيام به سرا، حيث أن الضرب لن يعلم سلوكا جديدا، ولن يعلم السيطرة على النفس، بل على العكس وعلى المدى البعيد، فإن الضرب سيترك عند الطفل سلوك العصيان وعدم التواصل الحضاري مع الآخرين، وتدني مستوى احترام الذات، والكآبة. وأضاف أن التأديب بالضرب هو الطريق السالك دائما باتجاه الإساءة الجسدية للطفل، ولأن الضرب فعال بشكل مؤقت، يجعل ذلك الأب أو الأم أن يضربا بجرعة أشد كلما عاد الطفل وأخطأ مرة أخرى، وبذلك يصبح العقاب الجسدي هو الاستجابة القياسية للسلوك السيئ، ما يزيد من شدة الضرب ويزيد من تكراره بشكل يتجاوز العرف المقبول عند بعض الأشخاص، وتشير الأبحاث أن ما يزيد عن 85% من جميع حالات الإساءة الجسدية للأطفال، ناتجة عن فرط التأديب وعن العقاب الجسدي. وأشار جهشان إلى أن الضرب في كثير من الحالات يؤدي إلى أذى غير متوقع، فالصفع على الوجه قد يؤدي مثلا إلى ثقب طبلة الأذن، ورج الطفل قد يؤدي إلى ارتجاج الدماغ والعمى أو الوفاة، والضرب المباشر وبأي وسيلة كانت قد يضر بالعضلات، وبالأعصاب، بالأعضاء التناسلية، أو بالعامود الفقري، وحتى ضرب الأطفال على ظاهر اليدين يؤذي المفاصل والأوعية الدموية الدقيقة وقد يؤدي إلى حدوث التهاب المفاصل الصغيرة بعد عشرات السنين، وقد ينتج عن سقوط الطفل عند تعرضه للضرب إصابات شديدة في جسمه. مؤكدا أن الضرب التأديبي هو عملية تدريبية منظمة لتعليم الطفل العنف، حيث يتعلم مبدأ أنه من المقبول أن يستخدم القوي قوته ضد الضعيف، وأنه من الطبيعي أن تحل المشاكل بواسطة العنف، وتتعزز هذه الفكرة بعملية التكرر من قبل شخص محبوب ومرغوب به، ويؤدي ذلك لتولد سلوك تعامل عنفي بين الطفل وأشقائه ومع زملائه في المدرسة، ومع زوجته مستقبلا ومن ثم مع أطفاله. قضية تأديب الأطفال لا تزال محكومة قانونيا بما يبيحه العرف العام حيث تنص المادة 62 - البند /أ من الفقرة / 2 من قانون العقوبات الأردني و التي تنص على انه: يجيز القانون: ا ) - ضروب التأديب التي ينزلها بالأولاد آباؤهم على نحو ما يبيحه العرف العام ) . حيث تم ربط ضروب التأديب بالعرف العام و الذي قد يصعب تحديده كونه قد يتغير من منطقة إلى أخرى ومن شخص إلى آخر مما يجعل قضية تأديب الأطفال تتجاوز حدودها لتصل إلى إيذاء الطفل . هذا الأمر دعا بالمجلس الوطني لشؤون الأسرة الى تشكيل لجنة استشارية تضم بعضويتها وزارة العدل ووزارة الأوقاف و المقدسات الإسلامية ووزارة التنمية الاجتماعية والمركز الوطني للطب الشرعي، إضافة إلى إدارة حماية الأسرة/ مديرية الأمن العام، و المجلس القضائي وديوان التشريع والرأي و مجلس الأعيان و، مجلس النواب، و مؤسسة نهر الأردن، و مجموعة ميزان من اجل حقوق الإنسان، ومحامين وممثلين عن القطاع الخاص. حيث بدأت اللجنة بمناقشة التوصية بتعديل المادة (62) البند (أ ) من الفقرة (2) من قانون العقوبات، التي تنص على انه يجيز القانون: أ- (ضروب التأديب التي ينزلها بالأولاد آباؤهم على نحو ما يبيحه العرف العام). حيث سيعمل المجلس بالتعاون مع هذه اللجنة على وضع ضوابط لمفهوم العرف العام الوارد في نص المادة 62 من قانون العقوبات والذي يشكل مفهوما واسعا يعود للقاضي صلاحية تقديره بهدف ضمان تحقيق المصلحة الفضلى للطفل، وضمان عدم التوسع في استخدام الصلاحية التقديرية من قبل القضاء لمفهوم العرف العام المنصوص عليه في القانون والوارد في المادة المذكورة. ويناقش المجلس هذا البند القانوني كنتاج لتوصية اللجنة الاستشارية لمشروع تحليل التشريعات القانونية لعام 2002، وتحليل المادة 62 من قانون العقوبات، حيث أوصت اللجنة بضرورة إعادة النظر بهذه المادة والتي تحتاج لتوضيح مفهوم العرف العام المتعلق بضروب تأديب الأطفال. ومن جهة أخرى فان المجلس يعمل على مناقشة هذه المادة تنفيذا لتوصية دراسة الأمين العام للأمم المتحدة والمتعلقة بالعنف ضد الأطفال حيث نصت على حظر جميع أشكال العنف ضد الأطفال في جميع الأوضاع بما في ذلك أشكال العقوبة البدنية، وتنفيذا للتوصية التي خرجت بها الورشة الوطنية لإطلاق دراسة الأمين العام للأمم المتحدة بشان العنف ضد الأطفال التي نظمها المجلس الوطني لشؤون الأسرة ومنظمة اليونيسيف في شباط الماضي والتي أوصت بإعادة النظر بالبند الأول من الفقرة الثانية للمادة 62 من قانون العقوبات والمتعلقة بضروب تأديب الأطفال.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق